ماذا قبل أن نتزوج

بكتب إليكم أعزائي الشباب عن مفهوم الزواج ودوافعه، كما تطرقنا إلى أهمية وخطورة هذا القرار الذي يترتب عليه إما سعادتنا أو تعاستنا، كما أجبنا على بعض الأسئلة الشهيرة مثل هل يوجد حب من أول نظرة؟ وهل أتزوج بناءً على عقلي أم قلبي؟ وكيف أعرف أني أحب؟ وهل يجب أن تكون شخصياتنا متوافقة بدرجة 100% حتى نتزوج؟ أما في هذه الحلقة فأكتب إليكم عن أمور هامة يجب أن يعرفها جيداً كل فتي وفتاة قبل أن يتزوج، فترى ما هي تلك الأمور؟
أولاً – اعرف نفسك:
قال الفيلسوف المعروف سقراط "اعرف نفسك بنفسك" وقال داود النبي "اختبرني يا الله واعرف قلبي" مز139: 1 من الجميل والمفيد قبل أن تُشرع في موضوع الزواج، والتعرف على شريك حياتك، أن تتعرف على نفسك أولاً، وهذا معناه أن تكون مدركاً جيداً لنقاط قوتك ونقاط ضعفك، وأن تكون واعياً بقيمك ومبادئك وأهدافك في الحياة حتى تعرف ماذا تريد وماذا تحب وماذا تكره؟ وهذا سيساعدك كثيراً في موضوع الاختيار، فاجتهد أن تعرف نفسك أولاً؟
ثانياً– اقبل نفسك:
من المهم بعد أن تكتشف نفسك أن تحبها، أى تقبلها كما هي وبشكر، وترضى بحالك دون تذمر أو رفض للواقع، وليس معنى هذا أن تكون عبداً للواقع، لكن من منطلق الرضا والشكر تستطيع أن تُغير ما يُمكن تغييره، وتطور ما لا يعجبك في نفسك، وتقبل ما لا يمكن تغييره، كتب أحد الشباب هذه العبارة على مكتبه "أنا حسن ومقبول لأن الله خلقني هكذا، والله لا يخلق شيئاً بلا قيمة "إن قبولك لنفسك وتقديرك لذاتك كإنسان مخلوق على صورة الله ولك قيمة كبيرة في نظر الله هام لأنه إن لم تتعلم أن تقبل ذاتك وتقدرها وتحترمها، لن تعرف أن تقدر وتقبل وتحترم شريكك فيما بعد.
ثالثاً- اعرف جيداً مستواك الروحي والاقتصادي والاجتماعي:
من المهم أن تعرف مستواك الروحي حتى عندما تُفكر أو تفكري في الارتباط تبحث عن من لها نفس اهتماماتك ومبادئك في الحياة وأهدافك، لأنه ما أصعب النير المتخالف، ولا توافق أبداً بين الظلمة والنور، كذلك من المهم أن تُحدد مستواك الاقتصادي بمعنى هل أنت قادر أن تفتح بيتاً وتعول أسرة؟ أم أنك مازلت تعتمد على الأسرة؟ كما يجب أن تعرف مستواك الاجتماعي والثقافي جيداً لتبحث عن شريكة لحياتك في هذا الوسط الذي أنت تنتمي إليه ويناسبك روحياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً، وذلك لأن الزواج توافق روحي ونفسي وثقافي واجتماعي واقتصادي.
رابعاً– تدرب أن تغفر وتسامح:
علمنا الرب يسوع عندما نصلي أن نقول: "واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً للمذنبين إلينا" "إن لم تغفروا للناس زلاتهم لن يغفر لكم أبوكم السماوي زلاتكم". من المهم ولكي تتعلم الغفران وتكون قادراً أن تمارسه
1- أن تقبل أولاً غفران الله لك، وذلك بقبولك لعمل المسيح على الصليب لأجلك "1يو1: 9.
2- أن تغفر لنفسك فتحيا فرحاً حراً من عقدة الشعور بالذنب.
عندما تقبل غفران الله، وتغفر لنفسك، ستجد أنه من السهل عليك أن تغفر لمن يُسيء إليك، حتى لو كان المسيء هو والدك أو والدتك أو أحد الإخوة في البيت أو الجامعة أو الكنيسة. تدرب على الغفران من الآن حتى يكون هذا أسلوبك ومنهج حياتك، وبالتالي ستكون قادراً أن تغفر في المستقبل وبسهولة لشريك حياتك. أما من لم يتعلم الغفران من الآن فسيجد الأمر صعباً جداً عليه في المستقبل، ولن يكون قادراً أن يغفر لشريك حياته، وبالتالي ستتحول حياتهما إلى عذاب.
خامساً– ادرس عن الجنس الآخر:
قبل أن يشتري الفرد منا سيارة أو أي جهاز جديد، لم يتعامل معه من قبل، تجده مجتهداً في جمع وتحصيل البيانات عن هذا الشىء حتى لا يُخدع، وحتى يكون قادراً أن يتعامل مع الجهاز الجديد بوعي ودراية، وإلا دمر الجهاز أو دمر نفسه، وهذا ما يجب أن يكون في موضوع الزواج مع الفارق الكبير، فعلى الشاب قبل أن يتزوج أن يدرس عن الفتاة وتركيبتها النفسية والجسمية، وماذا تحب وماذا تكره؟ وهكذا الفتاة يجب أن تدرس لتعرف طبيعة الشاب وتكوينه النفسي والجسمي، وماذا يحب وماذا يكره، بهذا نتعرف على الاختلافات الطبيعية التي أوجدها الله بين الرجل والمرأة، في الاهتمامات، وطريقة التفكير وما يحب كل جنس وما يكره، لأنه كلما عرفنا بعضنا جيداً استطعنا أن نتفاهم معاً، ومن ثم استطعنا أن يُسعد كل منا الآخر ويحافظ عليه ويساعده أن ينمو ويكبر ويحقق أهدافه وطموحاته.
سادساً– تعلم فن الحوار والتواصل مع الآخرين:
من المهم للشخص قبل أن يتزوج أن يتعلم فن الحوار مع الآخرين، وألا تتحول كل مناقشاته مع الناس حوله إلى شجارات، فمن لم يتعلم الحوار الجيد مع والديه، وأصحابه، وأقاربه، ستكون حواراته مع شريكه كلها خناق وشجار.
إن من أكثر الوسائل التي نستخدمها في الحوار والتواصل بيننا كبشر هو الكلام، لذا تعلم وتدرب أن تملأ قاموس حياتك بالكلمات الجميلة والطيبة والتي تُعبر عن احترامك للطرف الآخر الذي تتعامل معه، كذلك تعلم فن وأصول الحوار الجيد (الإصغاء- عدم المقاطعة – الكلام الإيجابي قبل السلبي- الصوت المنخفض- كسب الشخص أهم من كسب القضية- ألا يكون كلامنا كله سلبياً أو نقداً مستمراً ومن النوع الجارح أو المسىء).
سابعاً- ارسم صورة في ذهنك لشريك حياتك:
بعد أن تعرف جيداً من أنت وتُحدد رغباتك، ارسم صورة واضحــة في ذهنك للشريك الذي تُريد أن ترتبط به من الناحية الروحية والاقتصادية، ومستوى الجمال أيضاً، وهذا ليس خطأ وليس عيباً، فالزواج تكافؤ بين طرفين لذلك حذرنا الرسول بولس من النير المتخالف قائلاً: "لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين لأنه أية خلطة للبر والإثم، وأية شركة للنور مع الظلمة، وأي اتفاق للمسيح مع بليعال، وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن، وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان، فإنكم أنتم هيكل الله الحي كما قال الله إني سأسكن فيهم وأسير بينهم، وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً" 2كو 6: 14-17.